طرابلس- محمد النّعاس- تصوير: محمد العالم.
“من المؤسف بعد قرون على وجود أمة في رحاب أكبر صحراء في العالم وأكثرها تنوعا وغناءً وجمالاً، كما يقول عنها علماء وخبراء الصحاري. أن تظل مسألة هوية هؤلاء القوم -الذين يسكنون ذاك العالم- مجهولة أو تحتاج إلى تعريف، لأن من يقرأ لابن خلدون وتاريخه يستطيع أن يدرك في جملة واحدة من هم الطوارق، ومن هم سكان الصحراء الكبرى.. فإذا أضفنا إلى ذلك أول متن في التاريخ العالمي وهو تاريخ هيرودوت، الذي خصص لهم كتاباً كاملاً عن ليبيا، يستطيع أن يَفهم أنّ هذه الأمة أمة عريقة ذات ثقافة ثرية”- هكذا تحدث ذات يوم إبراهيم الكوني أول سفراء الصحراء الليبية للعالم الحديث في برنامج “حديث العرب” على قناة سكاي نيوز العربية.
في طرابلس يقطن سفير آخر للصحراء، مهمته أن يربط بين سكانها وسكان الشمال الليبي. أسامة الثني، الشاب الثلاثيني من طوارق صحراء تادرارت المعروفة محلياً بسلسلة جبال أكاكوس، يعمل مستعيناً بمواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر للتعريف بالثقافة الطارقية وبأهلها وينقل صوتهم وقضاياهم وأسلوب حياتهم ليستهدف الليبيين الذين “لا يعرفون المجتمع الطارقي، إذ عندما تخبرهم أنك منهم تراودهم أسئلة عديدة عن هويتك كأنك لا تشاركهم الوطن ذاته”، هذه الأسئلة التي راودت كل من حوله، جعلت من أسامة يأخذ على عاتقه مهمة التعريف بكافة السبل المتاحة له، فأصبح حلقة وصل بين سكان الصحراء وسكان البحر، ينقل معاناتهم الصحية وانعدام المستشفيات والأدوية والرعاية الصحية الحديثة لأهالي العاصمة فيهبون للمساعدة.
“ما جعلني أتحرك هو طفل صغير بعمر سنة ونصف مع أبيه، كان حبله السُري غير مربوط جيداً، إذ أنه قد وُلِد كغيره ولادة طبيعية، الولادة التي قد تترك أحياناً بعدها بحبل سُري غير مقطوع أو مقطوع بطريقة غير مناسبة أو طفلاً ميتاً أو مشوهاً خلقياً. في البداية خشى العاملون من ملابسه وملابس والده الصحراوية، معتقدين أنهما شحاذان فلم يهبوا لمساعدتهما”، يستمر أسامة في حكاية قصة الطفل الذي كان أول حالة تجعله يتحرك للتعريف بأمة الصحراء، تلك الحالة التي جعلته يصطحب بدلته الطارقية معه إلى المؤسسات الحكومية والأماكن العامة كالمقاهي، الأسواق وحتى لمشاهدة مباريات كرة القدم، مخبراً أنه “ساعدني على خوضِ حوارات مع أناس عاديين من الشعب والتعريف بردائي وما يمثله وبثقافتي وبالطوارق، فقط من سؤاله لي عن لباسي الغريب عنه”.
“كنت في الثانية عشرة عندما زرت الصحراء أول مرة.. أتتني تساؤلات عديدة عن طبيعة حياة الناس هناك، لماذا لا يخرجون منها مع نقص المياه وسبل الحياة والمقومات الأساسية كالصحة والتعليم وبعدهم عن الكهرباء ووسائل الاتصال كالتلفاز والهاتف، بعدهم عن العالم، ولكن مع الوقت أدركت أن خروجهم من الصحراء ومن طبيعة حياتهم يعد كارثة”، يتحدث أسامة عن أن المهمة هي ليست في نقل العالم إلى الصحراء، بل عكسية، يرى أن أهل الصحراء يجب أن يبقوا كذلك مع بعض التحسينات في طبيعة حياتهم خصوصاً مع التغيرات التي تحدث يوماً بعد يوم في العالم واقترابه لأن يكون قرية صغيرة، متحدثاً عن الأهمية الثقافية والسياحية والأمنية لبقائهم فيها، مهمته في أن يساعد على ذلك بدعمهم دون أن يجدوا أنفسهم مضطرين إلى هجرانها، “السكان هناك يعرفون الطبيعة والمكان، هم عمود السياحة، نعم السياح يريدون رؤية الصحراء والرسومات التاريخية لكن أهم ما يريدونه هو العيش صحبة الأهالي أنفسهم، الأهالي هم ملح السياحة بملابسهم وطعامهم وصناعاتهم التقليدية ولغتهم”. يقول أسامة موضحاً.
قطاع السياحة الذي يشهد ركوداً بعد سنوات الثورة كان أهم مصدر للدخل للشباب القاطنين في محيط صحراء سيرادليس، ونافذتهم على العالم واختلاطهم بالأمم التي تأتي لاكتشاف طريقة عيشهم، في الوقت الذي كان غالبية الناس في وطنهم يجهلون وجودهم أو لا يعرفون عنهم سوى كونهم “صحراويين” كما يصف أسامة الذي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه للسياحة الداخلية والتنسيق لرحلات داخلية للعائلات والشباب للتعرف أكثر عن ما تحمله ليبيا من كنوز وثقافات، “مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الليبيين أكثر إلماماً وتواصلاً مع بعضهم البعض، استغليتها للتعريف بالصحراء وروعتها وللتواصل مع الأصدقاء في جميع أنحاء ليبيا والرد على تساؤلاتهم عن الطوارق”.
لأسامة أعمال اجتماعية أخرى كتأمين أساسيات التعليم كالقراءة والحساب لأطفال تادرارت، تأمين مجموعة من الألعاب والمرافق الترفيهية لهم، أولئك الأطفال الذين “لم يعرفوا بوجود الأرجوحة سوى من سنتيْن” كما يقول، وكل ذلك بمجهوده الشخصي للتنسيق مع المتبرعين والداعمين من رجال الأعمال، أهالي مدن شمال ليبيا وبعض المسؤولين الحكوميين. عدا عن الإغاثة وتسيير القوافل الطبية من أطباء متطوعين.
الطوارق ليبيا
احسنت النشر خوي اسامة ربي ابارك فيك وجزاك عنا خير جزاء
أنني أستغرب أيما إستغراب عندما أسمع أن أحدا لا يعرف الطوارق وأنهم مهمشون في ليبيا ،، هذا الكلام غير صحيح على الأطلاق وما هي إلا هواجس وشكوك تراود البعض من أخوتنا الطوارق لا أساس لها من الصحة ،، ليس بخافي أننا نحن جميعا سكان الجنوب ، طوارقنا وتبونا وعربنا جميعا مهمشون وحالنا واحد وفي الهم سواء ، فلماذا نحتكر التهميش على الطوارق أو التبو دون العرب ،، ربما أهلنا في الشمال البعض منهم لا يعرفون الطوارق ولباسهم التقليدي عن قرب وذلك راجع الى تقهقر اهلنا الطوارق في الصحراء الجنوبية لليبيا وعدم اندماجهم في المجتمع الشمالي ،،هذا من ناحية ومن ناحية اخرى أهلنا في الشمال لا يولون اهتماما بِنَا ولا بصحرائنا ولا يأتون لنا للتعرف علينا وعلى عاداتنا وتقاليدنا ولباسنا ليكونوا صورة عنا ويعرفوننا عن قرب ،،أنني أسف لهم على هذا التقوقع الغير مبرر وعدم التجوال في جنوب بلادهم الزاخر والخيرات ،، الطوارق أيها السادة شعب ودود وطيب ومضياف الى ابعد الحدود ،، امتزجوا بالعرب الليبيين منذ آلاف السنين وتصاهروا وتجاوروا في بيوتهم ومزارعهم ولا تكاد تميزهم من بعضهم الا اذا اخبروك هم بذلك ،، نحن اهل الجنوب من العرب والتبو والطوارق عشنا مع بعضنا ولم يكدر صفو حياتنا الا تهميش مناطقنا ومدننا وقرانا ،،أشهد الله أن أعز أصدقائي على قلبي من الطوارق تربينا مثل الأشقاء ودرسنا مع بعضنا وعشنا مع بَعضُنَا على حلو الحياة ومرها دون تفريق بين هذا وذاك ،، وختاما اقول أن من لا يعرف الطوارق لا يعرف ليبيا ومكوناتها ،، وهو جاهل للأسف الشديد وليعذرني في هذه العبارة
ألهمتني كثيرا
أعتقد أن ماكُتِب في هذا المقال لم يُنصف مجهودات أسامة الكبيرة و الكثيرة جدّاً و الملهمة أيضاً .. أتمنى لسفير الصحراء الليبية كلّ التوفيق و كلّ الخير لأهالي تادرارت .
قصة رائعة ولاكن هناك جانب مظلم لم يعرفه معظم الناس وانا اسكن بالقرب من تادرارت اكاكوس، اهل مكة ادرى بشعابها
بصراحه من قبل نسمع بيهم و كان اول مرة نتلاقي مع اسامه في تونس كدفي ورشه عمل…الجميل في موضوع انه اسامه كان ملتزم يلبس في لبس القليدى و معتز بتقافته عكس البعض…اول مره نشوف حياتهم عن قرب كان في تقرير عرضه اسامه بجد كنت مستغربه في حياتهم وكيف هيا مختلفه تماما عنا …