رسومات / محمود الفتحلي
حسنًا، ربّما نتفق جميعا أنّ الحربَ بشعةٌ وأنّها لن تكون ضمن خياراتنا، فتقسِم أنّك لن تحمل السلاح يومًا، بل وتلعن المحاربين، تدعو للحوار والحلول السلمية وتحلُم بدولةٍ مدنية وعيشٍ كريم، لكنك مازلت تشحن 2 دينار كراهيّة في كل مرة!
عمليّة شراء رصيد الانترنت هي الأبسط والأسرع على الإطلاق، تشتري الكرت الخاصّ بك من البائع وتُدخِل الرقم السرّي، ثمّ تتصل بالخدمة وتنتظر رسالة تأكيد التعبئة، أنت لا تقرؤها في الغالب – ولا تفكّر في طريقة استهلاكك لهذا الرصيد بشكلٍ صحيح – ولكن وصولها يُطمئنك وتتّخذه كإشارةٍ لبدء التصفّح والتواصل مع العالم.
ما زلتَ مُتمسّكا برأيك تجاه الحرب، لن تحمل السلاح يوما، أنت مدنيٌّ يجلس على أريكة ولا يفعل أيَّ شيء سوى تصفّح الانترنت، يدخل على مواقع التواصل الاجتماعي ويشارك رأيه الخاصّ على صفحته، قد تكون النبرة حادة، قد تهاجم مدينة ما وتشارك رغبتك بمسحها من الخريطة ليعيش الوطن “بسلام” وبالطبع ما زلتَ تلعن حملة السلاح.
قد تؤجّل أعمالك لمراقبة تفاعل الأصدقاء وغير الأصدقاء مع منشورك الساخن الذي نشرته وأنتَ جالسٌ على أريكتك -بعيدا عن حمل السلاح- مئات المشاركات، آلاف الإعجابات، وعدد لا يحصى من التعليقات. الغالبية تؤيّدك، كم أنت عبقريّ، بدأت تشق طريق الشهرة، أنت الأذكى على الإطلاق ولا يهم أيّ رأي آخر حتى رسائل شركة الاتصالات، وبالتأكيد لا يهم إن كان رأيك يحتاج إلى مراجعة أو إعادة تفكير، فكلّ هذه الأرقام تساندك بل وتخترق رأسك مباشرة ليكبر ويكبر ويكبر وتستقرّ هناك.
لم تكن هذه أريكتك المفضلة يوما، ولم تكن متابعة مواقع التواصل الاجتماعيّ بكلّ هذا الحماس من هواياتك أيضا، ولكن بالطبع.. كلامك المنمّق ومنشورك العابر للقارّات بحاجة إلى الكثير من المتابعة والتفاعل مع المؤيدين والسخرية من المعارضين وهم قلّة، لا زالت الأرقام في ازدياد وأيضا حجم رأسك.
مُستقرّا على نفس الأريكة وبنفس الحماس وحجم رأسك أكبر بعشرات الأضعاف، لن يقدر شيء على إقناعك بالنهوض وتفقّد الحياة من حولك غير رسالة نفاذ الرصيد، ها قد وصلت (رصيدك 00.0 دينار كراهيّة) ووصل معها ما لم يكن في الحسبان؛ أنتَ الآن ترفع رأسك لأول مرة بعد الشهرة، يبدو ثقيلا والمشهد من حولك أثقل.
كلّ ما حولك الآن هو دمارٌ ورمادٌ يتوسّطه أريكة وجسمٌ غير متزن، إنّها المرّة الأولى التي تبصر فيها الحرب، إنها الصورة الأكبر التي تضم جميع المحاربين، حامل البندقية الذي يظن أنه ينصر الحق، ومشعل النيران الذي يعتقد أنّه يحرق الفتنة، أما خطاب كراهيتك فيؤجج كل هذا، ربما أقسمتَ على أنّك لن تحمل السلاح يوما، ولكنّك أخطأتَ تعريف السلاح، فخطاب الكراهية أشدّ فتكًا.
بسم الله الرحمن الرحيم رحاب أحسن وحدة
تعليقك هنا *
الخطاب يعتبر نوع من تحريض و التحريض فتنة و أشد من قتل
فعلا هذا لي صاير
كلامك واضح وصريح
شكرا..
الحقيقة هذا واقعنا مع الاسف
مقال جميل و هادف و واقعي
مع تحياتي لكي استاذة رحاب
سلام عليكم
ابدعت ابدعت ابدعت
الواحد من غير علم بنفسه بدأ اداه للفتنه والكراهيه والحقد شكرا لانك فكرتنا باصلنا ومعدننا
كلامك وضح وفعلا هد لي صاير
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الله لايغير مابقوم حتي يغيرو ماباأنفسهم
ابداعت .
جميل