بنغازي- علاء الدرسي- بعد ثلاثة أعوام على الثورتين التونسية والمصرية، وصل البلدان إلى نقطة مهمة قد تحدد المستقبل النظام السياسي فيهما، وهي إقرار الدستور، وإن تباينت الكيفية وحجم الاختلاف وشكله قبل الوصول إلى هذه النقطة.
أما ليبيا، فهي على بعد بضعة أشهر من هذه المحطة التاريخية المهمة. وأعلنت المفوضية العليا لانتخابات لجنة الستين (وهي اللجنة المختصة بكتابة الدستور الليبي الدائم) عن إقفال باب تسجيل لمن لهم حق التصويت، في 16 يناير الماضي، بعد أن مدت أجل التسجيل أكثر من مرة.
غالبية شبابية
حسب الموقع الإلكتروني الرسمي للمفوضية، فإن إجمالي عدد المسجلين في جداول الانتخاب بلغ 1.1 مليون ناخب، منهم 56%، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و39 سنة. وهذه النسبة، التي تمثل غالبية للشباب- ربما لا يختلف اثنان على أن مردها الأساسي هو أن الشباب يشكلون أغلبية سكان البلاد، كما هو الحال في باقي دول شمال إفريقيا، وإن كان هناك من يعتقد بوجود أسباب إضافية. يقول أبوبكر الرجبان، العضو الشاب بالمؤتمر الوطني العام، بأن “الثورة الليبية بدأها الشباب بالدرجة الأولى، فهم معنيون أكثر من غيرهم بإكمال مسيرة التغيير”. ويقول محمد علي عبد الله، العضو الشاب الآخر بالمؤتمر، إن “السبب الإضافي يتمثل في كون الشباب هو الفئة الأكثر وعيا وتحفزا للمشاركة، لأنهم لم يمروا بتجربة سياسية سيئة كنظرائهم الأكبر سناً، ولكون الشباب هم الأقل عرضة للاستقطاب والتجاذبات الدائرة الآن في ليبيا”.
فرصة الشباب
وحول ما إذا كانت هناك فرصة قوية لمشاركة الشباب في صياغة الدستور الدائم، يقول محمد علي عبد الله إن “الشباب لا يجب أبدا أن يتخلوا عن فكرة المشاركة، سواء كمرشحين أو ناخبين أو كنشطاء في الجانب التوعوي والتثقيفي، فهم أقدر على التفاهم والتوافق والوصول إلى قناعات مشتركة، لكونهم أقل تأثرا بالصراعات التاريخية والفكرية”. و”أثبت الشباب ذلك حتى الآن من خلال المساهمة في الوصول إلى توافقات وحل بعض الأزمات في دوائر اتخاذ القرار، رغم قلة التجربة”، حسب قوله. كما يعتقد الرجباني بأن “للشباب الأفضلية من ناحية مواكبة التطورات العالمية”.
جودة المشاركة
تعتبر تجربة الشعب الليبي، لا سيما الشباب منه، مع الآليات الديمقراطية تجربة بسيطة، لذلك قد يكون التخوف من الإسراع في خوض تجربة انتخابات لجنة الستين، و صياغة الدستور الدائم، تخوفاً منطقياً حسب البعض. الكاتب الليبي عطية الأوجلي، وهو من المثقفين المتحمسين لمنح الشباب أدوارا مهمة في رسم مستقبل البلاد، يرى أن “تأخذ فترة كتابة الدستور زمناً أكثر مما هو مخطط له الآن”. ويضيف: الأوجلي: “لترشيد مشاركة الشباب، عليهم ألاّ يستعجلوا في تكوين وتبني الآراء والتيارات، وعدم التعصب الشديد لها”. وينصح بالتركيز على تأهيل الشباب “من خلال تطوير التعليم وزيادة الاطلاع والحوار، فأن يكون الاتجاه صحيحاً أهم من السرعة”، حسب تعبيره. كما ينصح بالانخراط في الحوار مع الفئات العمرية الأخرى “للاستفادة من التجارب، ولخلق خبرة تراكمية للمجتمع”. ويرى أن “فرص النجاح كبيرة لأن المشاكل التي تعاني منها البلاد هي مشاكل إدارية بسيطة، و ليست معقدة كتلك المترتبة على الاختلاف الديني أو المذهبي أو الطائفي”. ويحذر محمد عبدالله من “الانسياق إلى التجاذبات الحادة التي تؤدي إلى تبني آراء مسبقة حول الأشخاص والمواقف، مما يحد من القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة”. كما ينصح المرشّحين بالصراحة والوضوح مع ناخبيهم وصياغة خطاب منطقي وذي صلة بالمهام المناطة بالمناصب التي يترشحون لها.